إعادة نشر مقال القاضي الجليل محمد وجدى عبد الصمد رحمة الله عليه
❞الرأى العام وتأثيره علي أحكام القضاء❝
من تراث المقالات الهامة لقامات كبيرة لها وزنها القانوني و العلمي والأدبي في المجتمع مقال هام جدا بقلم القاضى الجليل محمد وجدى عبد الصمد رحمة الله عليه والذي نشر بتاريخ ابريل 198، حيث تحدث في المقال عن تأثير الرأي العام علي أحكام القضاء و خاصة الجنائية.. و كأنه يعيش معنا عصر السوشيال ميديا وتأثيرة علي كثير من الأحداث المتنوعة في المجتمع..
❞إذا كان للرأى العام تأثير فى الشئون العامة ذات الصبغة القومية أو الاجتماعية أو السياسية أو التشريعية ، فإن شبحه حيـن يمثل تفزع منه ملائكة العدل❝
❞مـن حيـن لآخر تعرض على المحاكم الجنائية أو المدنية قضايا ذات شأن تجتذب اهتمام الجمهور، أما بسبب أطراف الخصومة فيها ، و أما لأن أسبابها أو بواعثها تتصل بسياسة الأحزاب أو بالآداب العامة أو بمسائل مالية كبرى، و أما لأنها تنطوى على حوادث تثير العواطف❝ ❞ويتتبع الجمهور المحاكمة فى هذه القضايا بشتى الطرق ، ففريق يعايـن بنفسه الجلسات ، وآخر يطالع أخبارها مـن الصحف وآخر يستقصى عنها مـن الغير ، و على الرغم مـن الفواصل و الفوراق بيـن أولئك الناس الذيـن يتألف الجمهور منهم ، يتملكهم شعور واحد ينتقل إليهم جميعا بطريق عدوى مغناطيسية مـن الصعب إدراك كنهها ، فيولعون بأحد الخصوم أو يسخطون عليه ، ويوجههم هذا الشعور إلي الحكم له أو عليه قبل أن تقول المحكمہة كلمتها ، و هذا هو حكم الرأى العام الذى يخشى مـن تأثيره على القضاة فيهدم استقلالهم و يصيرهم آلات لإصدار الأحكام تحركها الجماهير❝
❞وحكم الرأى العام في المسائل القضائية ليس أساسه العلم بدقائقها و الاقتناع بقوة الدليل والبرهان ، بل مثاره فعل العاطفہة التى تنتقل بالعدوى وتجرى بين الناس جريان الكهرباء و تصبح عقيدة له ، و هو فى الغالب يجهل كثير مـن الظروف التي تلابسها ، ويتجاهل وجهات النظر الاجتماعية و العوامل النفسية التى لا يمكـن الإغضاء عنها فى ڪثير مـن القضايا الجنائية دون المساس بالعدالة , ولذلك يكون حكما خاطئا أو منحرفا أو بالغا منتهى القسوة❝
❞فالذيـن ينذرون أنفسهم للقضاء ، يجب أن يكونوا على يقيـن مـن أن القاضى لـن يفوز بتصفيق الجماهير إلا مقابل الإخلال بشطر عظيم مـن واجباته . يجب عليهم ألا يأبهوا برضى الجماهير أو عدم رضاها و أن يقنعوا بالكفاف مـن رضى ضمائرهم❝
مقال للقاضى الجليل محمد وجدى عبد الصمد - ابريل 1986